الليل داكن، والبرد قارص، والهواء ثائر وصاخب، يصارع عصف الشتاء، ويداعب حفيف الاوراق المتناثرة من احضان الاشجار، لتتهادى برقة على صدر التربة معلنة بفخر قدوم فصل الشتاء.
أشمُّ رائحة الارض العابقة بعطر الشتاء. كم هي جميلة هذه الرائحة.. أحن الى أريج عطرها الذي يتأرجح خجلا ليلامس أنفي، ثم يعود منصهراً في أحضان الأرض، ليقطن داخل جذورها الى الابد.
كم هو نبيل تعلقنا بالارض، وبالجذور. كم هو ثمين حبنا لها. إنه يعكس سر وجودنا، وتعلقنا بالتقاليد، وحبنا للتراث.
آه يا الهي!. كم أنا بحاجة إليك لتنسيني عذاب الغربة الأليم. أنت ملجأي الوحيد يا رب في كل الشدائد. فكن لي عوناً دائماً.
إشتقت الى أرضي.. إلى ذكريات الطفولة. أحن الى صوت أمي.. إلى فرح أصدقائي.. إلى أيام الشباب.. إلى رائحة البخور الذي يفوح بين جدران الكنائس.. إلى ترانيم الخشوع إلتي تنساب من فم الكاهن.. الى ضيعتي الجميلة الخلابة.. إلى صوت الناي الحزين من يد شاعر ثار على الكون ليطلق نغماً جميلاً تغنى به شعراً، وأزهر قافية.
ما زلت أذكر جيدا كلماته الرنانة عندما اقترب مني وقال: اقرئي هذا الديوان يا صديقتي: "الله ونقطة زيت".
إنه ديوان من نوع اخر، كتبته عن قناعة شخصية وبصراحة مطلقة معتمداً على الامور والمستجدات التي تدور حولنا كل يوم. كنت جريئاً لأبرز الألم الذي ينتابني من جراء الظلم، والكفر الذي يمارس حولنا. أتمنى ان يعجبك محتواه.
انصرف.. ولا تزال دعساته القوية ترن في اذني، انه الشاعر الذي تهادى رحيق شعره سحراً على خدود الورد، فعبق زهواً باريجه، وأزهر قصيدة رقدت دلعاً على وجنتيه، ثم اختالت طربا على ترانيم صوره الجميلة.
انه البعيني، الشاعر الذي ارتشف رحيق الشعر، ودغدغ أريج الحرف، ونهل من عبير القافية، وأزهر دواوين شعرية قيمة أغنت المكتبات ، وتأرجحت على خدود الورد لتناجي الحب وتداعب العشق. واورقت أشجارها غراماً متيماً انساب في حنايا القلب، واعتلى عرش كل امرىء انصهر بالحب، وتيمن به، ليشع نوره غزلاً حريري الملمس في كل حرف أزهر شعراً وأنبت قصيدة.
انه الشاعر شربل بعيني، الرجل الذي اقترن بحرف ارتشفت رحيقه القافية، وجعلته زوادة الفكر. انه الزنبق الذي تسلق غزلاً بأريجه الى حنايا ..."الكلمة"... لتزهر ورداً جورياً فواحاً تدلع سحراً بعطره في قلوب العاشقين، وتناقلته برقة الايادي التي تعشق لغة الضاد، معلنة الفخر والابداع بمحتواه.
انه شربل بعيني ابن مجدليا الأشم الذي عهدناه مجدداً بنفحة جديدة وفريدة في ديوانه ..."الله ونقطة زيت"... والذي ناجى فيه ..."الخالق"... بشكل مباشر، وبصراحة مطلقة، لينقل له الألم الذي يختلج في صدره جراء التصرفات غير المقبولة التي يعتمدها بعض من رجال الدين.
اقتربت من مكتبي لأنهل من عالم الأدب، فأشرق نوره صلاة في أرجائه.
كلمة ..."الله"... تعلو في عرشه، و..."الزيت المقدس"... من جدران حروفه. انه ديوان من نوع آخر، جمع النور الالهي، وتعاليم الآب، وأعمال بعض الكهنة، والزيت المقدس، في حروف ثارت على الخطأ والظلم، والمتاجرة بالدين، وبهيكل الرب، والإستهزاء بتعاليم الله، وتوجيهات السيد المسيح، وحب النفس، والرضوخ لعالم الشيطان، واستعمال الثوب الكهنوتي المقدس لتكديس المال بغية تحقيق الغايات الخاصة، وتنفيذ المآرب الشخصية، عوضاً عن استعمالها لخدمة الكنيسة والمؤمنين كما أوصانا ..."السيد المسيح"... في كل حين.
لا تِزْعَلْ دَخْلَكْ يَا رَبّْ
كْتَار بْهَـ الدِّنْيِي مْجَانِينْ
بِيدقّوا جْرَاسُنْ عَنْ كِذْبْ
لْشَخْص مْفَبْرَكْ مِنْ جَفْصِينْ
وْجَفْصِينُو عَمْ يِرْشَحْ زَيْتْ
وِبْيِتْحَوَّلْ دَيْرَكْ بَيْتْ
وْنِسْوَانْ تْبَخِّرْ لِلدِّينْ
...
دَخْلَكْ يَا أَللَّـه شُو صَارْ
بِيشُوفُوكْ بْنِقْطِةْ زَيْتْ
وِبْيِنْسُوا إِنَّكْ أَللَّـه
خْلَقْتُنْ كِلُّنْ عَ السِّكَّيْتْ
وْكِوَّنْت الدِّنْيِي كِلاَّ؟!
في ..."الله ونقطة زيت"... ثار البعيني على ..."الاشخاص الذين يتسلون بالرب"...:
خْلِقْت الشَّمْس.. بْنُورَكْ شَافُوا!
خْلِقْت اللَّيْل.. بْعَتْمَكْ خَافُوا!
خْلِقْت الْبَحْر.. بْمَيَّكْ طَافُوا!
وْبَعْدُنْ عَمْ يِتْسَلُّوا فِيكْ
في ..."الله ونقطة زيت"... امتلأ البعيني ..."بنور الرب"... وطلب منه أن ينعم عليه ببعض من ..."المهمات الصعبة"...:
رْسِمْنِي سَيْف بْوِجّ الظُّلْمْ
خْلِقْنِي يَقْظَه بْلَيْلِةْ حُلْمْ
فَجِّرْنِي حُبّ وْإِحْسَاسْ
وْتِرْتِيلِه عَ شْفَاف النَّاسْ
وِحْمَامِه تْبَشِّرْ بِالسِّلْـمْ
يَا رَبّ الْقَاعِدْ بِالْبَالْ
نْفِخْنِي غَيْمِه وِسْع الأَرْضْ
تَا شَتِّي لْهَـ النَّاسْ غْلالْ
وْإِجْرُفْ مِنْ قِدَّامُنْ بُغْضْ
وْحَيِّكْ بَدْل الْبُغْض سْلاَلْ
زَيِّنْهَا بْبَاقَات الْوَرْدْ
النَّاطِرْ عَ شْفَاف الأَطْفَالْ
...
يَا رَبِّي.. سَاعِدْنِي جِرّ
بِكْتَافِي الصّلْبَان الْحَمْرَا
تَا الْمُسْتَعْبَدْ رِدُّو حُرّ
وْبَعِّدْ عَنُّو مُرّ الْكَاسْ
وِالْمُتْعَصِّبْ خَلِّي يْقِرّ
إِنِّكْ وَاحِدْ مَا بْتِتْجَزَّأْ
بَيْن طْوَايِفْ شغْل النَّاسْ
كما ثار البعيني على بعض ..."رجال الدين"... الذين لا يكفون عن طلب المال بغية اخفائه في جيوبهم ووصفهم ..."بالتجار"...:
تْجَارَه.. تْجَارَه صَفَّى الدِّينْ
بْإِيدَيْن رْجَال مْلاعِينْ
شْيُوخ وْكَهْنِه وْحَاخَامَاتْ
عَ شْفَافُنْ مَطْبُوعَه الْـ (هَاتْ)
وْبِجْيُوبُنْ خَبُّوا مْلايِينْ
وشدد البعيني بأن لديه واجباً بأن ..."يخبر الله عن الكفار"... ووجودهم في هيكله:
لَكِنْ حَاسِسْ عِنْدِي فَرْضْ
قِلَّكْ يَا أَللَّـه شُو صَارْ
بْرَمْت الدِّنْيِي طُول وْعُرْضْ
تَا أَعْرِفْ لَيْش الْكفَّارْ
انْقَرْضُوا مْنِ شْوَارِعْنَا قَرْضْ
وْصَفُّوا بِمْعَابِدْنَا كْتَارْ!!
وأبدى البعيني استياء من "الانسان" الذي لا يثبت على دين بل يتنقل بين الأديان فيعتنقها بغية تنفيذ مآربه الشريرة لإرضاء الشيطان:
وْشِفْت بْعِينَيِّي الإِنْسَانْ
الْمِتْنَقِّلْ بَيْن الأَدْيَانْ
سَاعَه بْيُؤْمِنْ بِالإِنْجِيلْ
وْسَاعَه بْيُؤْمِنْ بِالْقُرْآنْ
مْفَكَّرْ دِينَكْ قَال وْقِيلْ
وْكِتْبَكْ نِزْلِتْ كِيفْ مَا كَانْ
وْبَيْنُو وْبَيْنَكْ مَلْيُونْ جِيلْ
وْإِيمَانْ يْطَحْبِشْ إِيمَانْ
مْفَكَّرْ إِنُّو بْهَـ التِّدْجِيلْ
رَحْ يِرْضِيك وْيِرْضِينَا
وْمَا بْيِرْضِي غَيْر الشّيطَانْ!!
وقد كان البعيني على يقين بأن "الله يتألم" مثله تماماً من هذا العالم الفاني والذي لا يشرف:
وِحْيَاتَكْ يَا أَللَّـه عَارِفْ
إِنَّكْ مِتْلِي عَمْ تِتْأَلَّمْ
مِنْ عَالَـمْ مَا عَاد يْشَرِّفْ
أَدْيَانُو بِتْحَارِبْ بَعْضَا
وْبَعْدُو بِالْجَنِّه عَمْ يِحْلَمْ!!
وما أجمل صورة ..."الله"... في حنايا شعره الذي وصفه بالأب الحنون وناداه قائلا:
بَيْنِي وْبَيْنَكْ صَرْخَه وْبَسّْ
غْفِرْلِي يَا رَبّ غْفِرْلِي
مَهْمَا عْمِلْت بْعُمْرِي نَحْسْ
وْمَهْمَا غْدَرْتْ بْضَوّ الشَّمْسْ
بْتِبْقَى الْبَيّ الْـ مَا فِي مِنُّو
النَّاطِرْ حَتَّى يِنْدَهْلِي!!
ووعد البعيني ..."الرب الاله"... بأنه لم ولن يتغير مهما جار الدهر عليه وسيثابر على ..."قراءة الكتاب ليتعمد بالصلب"...:
مَهْمَا الْغِيرِه تْدِقّ بْوَابِي
مُشْ رَحْ إِفْتَحْلاَ يَا رَبّْ
وْمَهْمَا الشَّهْوِه تْغرّ شْبَابِي
بِسْتَبْدِلْهَا بْكِلْمِةْ حُبّْ
حَتَّى لَوْ زَتُّونِي بْغَابِه
كِلاَّ ظُلْم وْحِقْد وْكِذْبْ
مُشْ رَحْ إِقْرَا بْغَيْر كْتَابِي
يَللِّي إِنْت كْتَبْت حْرُوفُو
بَرْكِي بِتْعَمَّدْ بِالصَّلْبْ
وتساءل البعيني عن معنى ..."الخطيئة"... وحاور ..."الرب"... عما إذا كان سيعد الهفوات التي ارتكبها عن طيبة قلب ..."كخطيئة لا تغتفر"...:
إِشْيَا كْتِيرْ مْخَبَّى بْقَلْبِي
بِطْرِدْهَا وِبْتِرْجَعْ لِيِّي
جَاوِبْنِي دَخْلَكْ يَا رَبِّي
هَـ الهَفْوَات اللِّي نْسِينَاهَا
وِبْطِيبِةْ قَلْب عْمِلْنَاهَا
هَيْدِي رَحْ تِحْسِبْهَا خْطِيِّه؟!
وايضاً اذا ما كانت ..."الأعمال"... التي ارتكبها اي امرىء من جراء ظروفه القاسية، فتعد ايضاً ..."خطيئة"...:
وِالأمّ الْـ زَوْجَا قِمَّرْجِي
وْمَا بِتْشُوفُو لِلصِّبْحِيِّه
جَاعُوا طْفَالا.. كَرْجِتْ كَرْجِه
وْفَتْحِتْ بَاب الْبَيْت وْصَارْ
الْجِنْس يْطَعْمِي وْلاد زْغَارْ
هَيْدِي رَحْ تِحْسِبْهَا خْطِيِّه؟!
وما اجمل ..."صورة الرب"... في شعر البعيني عندما أشاد وقال:
إِنْت الْبَاقِي.. وْنِحْنَا الْمَرْقَه
قِدَّام عْيُونَكْ يَا رَبّْ
مُشْ عَمْ بِحْصُد عُمْرِي سِرْقَه
زْرَعْت كْلامَكْ جُوَّا الْقَلْبْ
...
قْرِيتْ التَّوْرَه والإِنْجِيلْ
وِالآيَاتْ الْـ بِالْقُرْآنْ
لْقِيتَكْ (كَفِّه) مَا بِتْمِيلْ
مَهْمَا يِحْتَالْ الإِنْسَانْ!!
وردد البعيني شعراً كلام ..."السيد المسيح"... الذي قال غاضباً: ..."إسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم"...:
سْمَعُوا كْلاَمُنْ عَمْ بِتْقُولْ!!
سْمِعْنَا كْلاَمُنْ وِحْيَاتَكْ
بَسّ فْعَالُنْ مُشْ مَعْقُولْ
نِسْكُتْ عَنْهَا يَا يَسُوعْ
وْعَمْ بِتْشَوِّهْ حَكْيَاتَكْ!!
...
جَيْش الرَّحْمِه!!.. أَيَّا رَحْمِه؟
ضِحْكُوا عْلَيْنَا وْضِحْكُوا عْلَيْكْ
وْعِمْلُولَكْ بِالدِّنْيِي نَقْمِه
زَرْعُوا الشَّر بْقَلْب النَّاسْ
وْمَنْعُوها تا تْقَرِّبْ لَيْكْ!!
وأبدى البعيني خجلاً من تصرفات بعض ..."رجال الدين"...:
بِتْشُوف الْغِيرِه بِعْيُونُنْ
سَوْدَا مِتل اللَّيْل الْعَابِقْ
وِبْتِخْجَلْ مِنْ كِتْر فْنُونُنْ
لِمْ بِتْلاقِي الْوَاحِدْ مِنُّنْ
خَيُّو عَ الدِّرْهَمْ بِيسَابِقْ!!
...
وْبِتْشُوف اللَّعْنِه عَ شْفَافُنْ
عَمْ تِتْمَرْجَحْ لَيْل نْهَارْ
وِبْيِتْبَاهُوا بْعُرْض كْتَافُنْ
بِجْمَاجِمْ أَكْبَرْ مِنْ حَلِّه
لَكِنْ فِيهَا عْقُول زْغَارْ
...
مُشْ كِلُّنْ.. أُوعَا تِظْلِمْنِي،
عَ هَـ الصُّورَه يَللِّي عْطَيْتَا
إِنْت بْتَعْرِف أَكْتَرْ مِنِّي
بَسّ الْكِلْمِه يَللِّي بْقَلْبِي
بْتِحْرُقْ قَلْبِي لَوْ مَا حْكَيْتَا.
وما نفع امرئٍ اذا ..."ربح العالم كله وخسر نفسه"... لقد شدد البعيني على هذا المبدأ وأنشد قائلا:
وْمِنُّنْ قَالوا بِالْفِرْدَوْسْ
رَحْ مِنْلاقِي الْخَيْر حْمَالْ
وِصْبَايَا أَحْلَى مْنِ الشَّمْسْ
بَعْدُنْ مَا عِرْفُوا رِجَّالْ
انْ كَانْت الْجَنِّه مِتْعَه وْبَسّْ
سْمَحْلِي قُول الْـ مَا بْيِنْقَالْ
شُو بْيِنْفَعْنِي خْلاصْ النَّفْسْ
بْجَنِّه كِلاَّ.. جِنْس وْمَالْ
ونادى البعيني ..."الرب"... ليفتح عينيه ويبقى يقظاً على تجار الهيكل الذين تاجروا به ووصفهم ..."بالحرامية"...:
خِدْني.. وِارْميني عَ جْرَيْكْ
كِلّ الْـ عَمْ شُوفُنْ قِدَّامي
ما قِدْروا يْدلُّوني عْلَيكْ
يا ما تاجَرْ فِيكْ حْرامي
يا أللـه؟؟ فَتِّحْ عِينَيْك
في ..."الله ونقطة زيت"... أبدى البعيني قساوة على تصرفات بعض الراهبات، ثم اعطى المقاييس لتصرفاتهن، ودعاهن للتقيد بها:
وِالدَّيْرْ يَللِّي اخْتَارتُو
لازِمْ تْقَدِّسْ حِرْمِتُو
وِتْضَلّ بَيْضَا صَفْحِتُو
تَا سَاعِة الْـ بَدَّكْ تِجِي
يفُوح الْعِطرْ الِبْنَفْسَجِي
مِنْ تَوْبْ أَبْيَضْ لِبْسِتُو..
وخاب ظنه وتألم من ..."طعن الاصدقاء وعدم الوفاء"...:
إِيدِي مِدَّيْتَا لِصْحَابِي
الْـ قَصْدُونِي وْوِقْفُوا عَ بْوَابِي
فِكَّرْتُنْ لِمِّنْ قَصْدُونِي
عِرْفُونِي بْقَدِّسْ أَحْبَابِي
يَا رَبِّي بْلَحْظَه إِكْلُونِي
وْرِمْيُولِي عْضَامِي بِالْغَابِه!!
وتمرد البعيني على ..."الأصحاب المزيفين"... الذين لم يعرفوا ..."الوفاء"... يوما بل كان هدفهم الأساسي الانتفاع من كرم الشاعر وتأمين العيش على حسابه:
ما عِرْفُوا خْسَارِتْهُنْ أَكْبَرْ
وِبْمَوْتِي بْطُونُنْ رَحْ تِزْغَرْ
وِاللِّي بْيَاكُلْ أَوَّلْ لُقْمِه
مُشْ مِتْل اللِّي بْيَاكُلْ أَكْتَرْ
وِالصّحْبِه الْـ قَتْلُوهَا بْنَقْمِه
مُشْ مُمْكِنْ تِرْجَعْ تِتْكَرَّرْ!!
أمّا اصحاب ..."الكذبة المنحوسة"... فكان لهم وصف آخر من الشاعر الذي لم يعدهم يوماً أصحاباً:
أَصْحَاب الْكِذْبِه الْمَنْحُوسِه
مِين الْـ سَمَّاهُنْ أَصْحَابْ؟!
لا خُورِي بْيِخْدُمْ بِكْنِيسِه
وْلا شَيْخْ بْيِمْشَحْ نِصَّابْ
يَا رَبِّي.. النِّيِّه التّلْبِيسِه
مُشْ مُمْكِنْ يِغْفِرْلاَ كْتَابْ!
وأبى البعيني الا أن يكون ..."بقرب الله"... ليستمد القوة من نوره وهو على كامل اليقين بأنه لن يتخلى عنه بل سيبقى معه الى الأبد:
ما بَدِّي إِطْمَعْ بِالْجَنِّه
بَدِّي كُون بْقُرْبَكْ بَسّْ
تَا حَتَّى أَنْوَارَكْ مِنِّي
تِسْطَعْ.. وِتْصَيِّرْنِي شَمْسْ
بِفْرَحْ كِلْمَا لإِسْمَكْ غَنِّي
وِالدِّنْيِي بْتِتْحَوَّلْ عُرْسْ
وْبَعْرِفْ مَا بْتِتْخَلَّى عَنِّي
وَحْدَكْ مِسْتَقْبَل إِيَّامِي
وْغَيْرَكْ تِذْكَار مْنِ الأَمْسْ
وثار البعيني على بعض ..."الرهبان"... الذين يعلقون ..."الصلبان الكبيرة الحجم"... على صدورهم ليستروا شرورهم عن أعين الناس:
.. وْبِيعَلّقُوا الصّلْبَانْ عَ صْدُورُنْ
وْبِيكَبّرُوا الِقْيَاسْ
تَا يْسَتّرُوا بْصلْبَانُنْ شْرُورُنْ
عَن عْيُون النَّاسْ
ورفض البعيني ..."الطعن والغدر"... وانتقد الاصحاب الذين أحبهم وسقاهم من دموع عينيه لكنهم تركوه وطعنوا به وبصداقته:
هَـ الأَصْحَابْ اللِّي حِبَّيْتُنْ
وْمِنْ دَمْعَات الْعَيْن سْقَيْتُنْ
تَرْكُونِي مْعَلَّق بِلْسَانِي
ضِحْكُوا عْلَيِّي وْعَ أَحْزَانِي
وْطَعْنُوا مَطْرَحْ مَا خِبَّيْتُنْ!
وكان ازدراء الشاعر جليا من بعض ..."رجال الدين"... الذين يرتدون الأثواب لكن عيونهم ملأى بالغش:
تْطَلَّعْ فِيهُنْ.. مَا بِتْشُوفْ
غَيْر الْغِشّ بْعِينَيْهُنْ
غَيْر الرَّجْفِه بْإِيدَيْهُنْ
وْصَوْب النَّار صْفُوف صْفُوف
بْيِمْشُوا.. وِالتَّوْب عْلَيْهُنْ!
وثار البعيني على ..."الناس"... الذين باعوا دينهم وأصبحوا لعبة بيد الشيطان، وطلب من الرب الإله ان ينجينا من شره:
مَا إِلْنَا غَيْرَكْ.. نَجِّينَا
مْنِ مْصَايِبْ عَمْ تِنْزلْ فِينَا
مْنِ حْرُوب تْفَرِّقْ وِتْبَعِّدْ
بَيْن النَّاسْ الْـ بَاعِتْ دِينَا
لا تِتْرِكْهَا بْعَطْفَكْ جَدِّدْ
إِيمَانَا.. وْوَصِّلْهَا لْمِينَا
حُبَّكْ.. يَا أَعْظَمْ مِنْ سَيِّدْ
يَا رَبّ الْـ عَمْ بِتْآخِينَا
هَـ الْعَتْمَات السَّوْدَا بَدِّدْ
عَنَّا.. عَنْ هَـ الأرْض الْـ صَارِتْ
تِتْلاَعَبْ فِيهَا شْيَاطِينَا!
وناجى البعيني ..."الرب الاله"... بأن يدعه يمشي على الدرب التي توصله الى حبه لكنه أبدى ازدراء من الأشخاص الذين باعوا الدين وما زالوا يصلون:
تْرِكْنِي وَحْدِي إِمْشِي بْدَرْبَكْ
الدَّرْب الْـ بِتْوَصِّلْنِي لْحُبَّكْ
كِتْرُوا رْجَالَكْ.. لَكِنْ قَلُّوا
وَقْت الْـ مِشْيُوا مْرَاحِلْ صَلْبَكْ
وِالدِّين اللِّي رْسَمْتُو كِلُّو
تَا يْوَصِّل لِلْجَنِّه شَعْبَكْ
بَاعُوه.. وْبَعْدُنْ بِيصَلُّوا
...
حْكِيتْ كْتِيرْ.. وْحَكْيِي ضَاعْ
يِئْسَان بْعَصْر الْقِلِّه
بْلاقِي هَـ النَّاس بْتِنْبَاعْ
لِلشَّرْ.. وْعَمْ بِتْصَلِّي
بْتِقْتُل طِفْل.. بْتِمْحِي ضْياعْ
بْإِسْمَكْ!!.. هَـ الإِسْم الْقُدُّوسْ
وْقِللِّي.. شُو فِيكْ تْقِللِّي؟!
وصور الشاعر ..."نهاية الانسان"... الذي يفارق هذه الحياة كما خلقه الرب ...."من غير ثياب"... بعد أن يشقى في جمع المال الذي يتركه خلفه:
وْفَجْأَه عَلَّى صَوْتُو وْقَالْ:
الإِنْسَانْ بْيِبْقَى إِنْسَانْ
بْيِتْعَبْ تَا يْجَمِّعْ أَمْوَالْ
وْبِيرُوح لْعِنْدَكْ عرْيَانْ!
وصب الشاعر غضبه على بعض ..."رجال الدين"... الذين يخدعون البشر باسم الدين وهم يحملون كتاب الرب:
يَامَا وْيَامَا بْإِسْم الدِّينْ
خَدْعُونَا رْجَال مْلاَعِينْ
قَالُوا: رْجَالَكْ.. مُشْ مَعْقُولْ
عَ الْجَنِّه يْفُوت شْيَاطِينْ!!
مْصِيبِتْنَا.. إِنُّو عَ طُولْ
مِنْصَدِّقْهُنْ يَا أَللَّـه
كْتَابَكْ بِـ إِيدُنْ مَحْمُولْ
وْنِحْنَا كِتْبَكْ مِنْجِلاَّ
لَكِن بِـ ذات الْمَكْيُولْ
رَحْ مِنْكَيِّلُّنْ أَكْتَرْ
يَللِّي بْإِسْمَكْ دَبْحُوا عْقُولْ
رَحْ مِنْحَاكِمْهُنْ يَا رَبّْ
بْإِسْمَكْ.. تَا بْإِسْمَكْ نِكْبَرْ
أما "المتعصب" فصوره الشاعر "بمستنقع إجرام وبغض" وطلب من الرب عدم مساعدته:
إِنْت الرَّبّ الْـ مَادِدْ إِيدُو
لْمُطْلَقْ إِنْسَانْ بْهَالأَرْضْ
بَسّ الْمُتْعَصِّبْ لا تْشِيدُو
مَهْمَا تْعَصَّبْلَك رَحْ يِبْقَى
مُسْتَنْقَعْ إِجْرَام وْبُغْضْ!
وما اجمل التحدث الى "الرب" بلغة البعيني الذي طلب منه ان يرأفه ، ويمشيه على دربه، ويستر عيوبه، وأعلن حبه له في كل حين:
يَا ربّي الْعَادِلْ.. رَيِّحْنِي
خْلِقْت ضْعِيف وْإِنْت الأَقْوَى
إِنْسَان زْغَيَّرْ.. سَامِحْنِي
مْسِكْت بْإِيدَكْ كِل شِي بِحْوَى:
الْبَحْر.. الأَرْض.. رْبُوع الْجَنِّه
الحُبّ.. الْبُغْضْ.. الْعَدْل.. الشَّكْوَى
وْعَارِفْ شُو رَحْ يِصْدُرْ مِنِّي
قَبْل صْدُورُو.. لا تِظْلِمْنِي
وْمَشِّينِي عَ دْرُوب التَّقْوَى
...
بْحِبَّكْ.. مَهْمَا كِتْرُوا ذْنُوبِي
بْحِبَّكْ.. مَهْمَا اللَّيْل يْجِنّْ
بْحِبَّكْ مَاشِي فَوْق دْرُوبِي
بْحِبَّكْ ضِحْكِةْ خَدّ وْسِنّْ
وْإِيدَيْن تْسَتِّرْلِي عْيُوبِي
وِتْآسِينِي لَمَّا بْعِنّْ
يَا أَجْمَلْ سَطْر بْمَكْتُوبِي
يَا أَوّل كِلْمِه بِسْمَعْهَا
وْبَعْدَا بْدِينَيِّي بِتْرِنّْ
...
كِلّ مَا بْيِشْرُقْ نُور الشَّمْس:
نِحْنَا بْحُبُّنْ فِرْحَانِينْ
آبْ .. وْإِبْن.. وْرُوحْ الْقِدْسْ
تَلاتِه.. بْأَللَّـه.. مِتِّحْدِينْ
وصبّ الشاعر جام غضبه على "راهبة" لم تلتزم بتعاليم الله، ووصفها "بالعقربة وبالكاذبة" التي تسكب "كأس النميمة" لتزرع "الشر".
انْخَطْبِتْ إِلَكْ!
مِن أَيمْتَى انْخَطْبِتْ إِلَكْ
هَـ الرَّاهْبِه الْـ كِلاَّ بُغْضْ
الْـ مِنْ كِذبْها اسْوَدِّتْ أَرْضْ
وْإِنْت الْمَلَكْ،
يا خَالْقِي، إِنْت الْمَلَكْ؟
...
هَـ الرَّاهْبِه..
مُشْ رَاهْبِه
أَعْمالْها عَ طُولْ
بِتْدِلّ إِنَّا عَقْرَبِه
...
كاسْ النَّمِيمِه سَكْبِتُو
وْصَكّ الْخِيَانِه كَتْبِتُو
وِالطُّهْر ياما ذَلِّتُو
تا تْحَرْقِصَكْ وِتْزَعِّلَكْ
أمّا..."الجنة"... فكانت دائماً مراد الشاعر الذي أكد بأن الله سيساعده للوصول اليها، ويرافقه فرحاً في عتم الدرب:
قَدْ ما تْكُون السَّما بْعيدِه
بَدّي أوصَلاّ يا رَبّ
عارف رح تمسكني بإيدي
وترافقني بعتم الدرب
حابب صلّي طلبه جديده
محفوره ع وتار القلب
تا إتقدس.. بركي عيدي
بيوزّع أزهار الحب
كما أعلن الشاعر حبه الجم ..."للرب الاله"... ووصف قربه منه بأحلى هدية، وطلب منه عدم الابتعاد عنه:
يا ربي.. لا تبعّد عنّي
أحلى هديه.. قربك مني
مش عارف شو بدّي قلّلا
الْخَلايِقْ.. عَمْ بتجنّني
رح انكر هالدنيي كلاّ
وقدّام عرشك أوقف غنّي:
مش هاممني إلا ألله
وملايكتو بهاك الجنّه
وناجى الشاعر ..."الطفل يسوع - طفل المغارة"... ووصفه بالنور المتواضع الذي ينير الظلمة التي تمتلك الناس:
إنتْ النّور بْعَتْم النّاس
والقربانه بالقدّاس
جايبلَكْ أحلى هديّه
إنتَ بْتَعرفْ شو هيّي:
قلبي وفكري والإحساسْ
...
مولود.. وْمَنَّكْ مولُودْ
من مَرْيَم بِنِتْ داوود
مار يوسفْ لِمّنْ شافَكْ
شافْ الحِكْمِه ع شفافَكْ
والقداسه الْما لْها حْدود
...
متواضَع.. متلَك ما في
إِله.. ومجدَك كافي
خلقتْ بْمِزوَد بَهايِم
يا ربّي الْعِزَّك دايِم
بِمشي ع دروبَك حافي
...
يسوع اللي بحبّو
علّمني المحبه
سامح اللي صلبو
تا يسامحني ربي
أما ..."القديس شربل"... فله مكانه خاصة في قلب البعيني الذي قرر أن يبني له كنيسة يزينها له بالورود وبالزنبق:
شربل مخلوف قدّيسي
يا قلبي عمِّرْلو كْنيسِه
زيِّنْها بْورد وِبْزَنْبَقْ
مِتْلُو بهالكون ما بيِخْلَقْ
قديسْ.. وأرضُو قِدّيسِه
...
بعكفرا هديتنا رسمَك
عنّايا عطيتنا إسمك
يا إسم مقدّس من ألله
مشهور بهالدنيي كلاّ
والدّم بْيِرشَحْ منْ جسمَكْ
واكد الشاعر بأنه صديق ..."القديسه رفقا"... التي أحبها واحبته:
بِـ هالسَّما الزَّرقا
عَمْ شوفِكْ يا رفقا
مْنِ الْقَداسِه جايي
يا حلمي الرّح يبقى
فوق شْفافي حَبْقَه
وشَمْعَه بْقَلْب حْكايِه
...
يا قَدِّيسِه رَفْقَا
إنتي وأنا رِفْقَه
مِنْ أوَّلْ سْنِينِي
بحلِفْلِكْ يا رفْقَا
مُشْ رَحْ حِبِّكْ سِرْقَه
بَعْرِفْ بِتْحبّيني
أما ..."القديس نعمة الله الحرديني"... فهو الذي جعل الشاعر يطير صوب الجنة لتضمه ..."القديسة مريم العذراء"... متمنيا بأن يصبح طفلاً صغيراً:
نعمة الله الحرديني
الإسم البيخَلّيني
صوب الجنّه طير
يا عدرا ضُمّيني
بالمشلح غطيني
ورديني طفل زْغِيرْ
...
قدّيس مْنِ بْلادي
مُش لازملُو شْهاده
كبيرْ.. وفعلُو كبيرْ
من أرض العِباده
عم آخُدْ زُوّاده
بهالعُمر القصيرْ
أما "القديسة مريم العذراء" فلها المكانة الأهم في حياة الشاعر الذي اعتبرها ملجأه الوحيد في الشدائد ووصفها "بأمه الحنونة":
كل ما بتتفشكل إيامَك
وبتمحي الدمعه أنغامَك
نادي العدْرا
الـْ كلاّ قدره
وحدا الـ بتحقق أحلامَك
...
ناديها بليالي الهَمّ
متل العدرا ما في أم
وقلاّ كوني
يا حنونه
أجمل ترتيله بالتمّ
...
يا أمي.. يا أم الكلّ
تحت جناحِك رح منضَل
حنّي علينا
بـ عينينا
زرعنالك مَنتور وفلّ
وناجى البعيني "القديس مار مارون والقديس مار جريس والقديسة فيرونيكا" بأسلوب لاهوتي جميل:
بْصَلّيلَكْ يا مارْ مارونْ
وْبِطْبَعْ عَ شْفَافي إسْمَكْ
مْرافَقْني مَطْرَحْ ما بْكونْ
حامِلْ بِقلْبي رَسْمَكْ
يا بَيّ الْما مِتْلَكْ بَيّْ
يا خَيّ وْأكْبَرْ مِنْ خَيّْ
يا قِدِّيس الْذِكْرَكْ حَيّْ
النّور بْيِشْرُق مِنْ جِسْمَكْ
...
شِفْتَكْ جايي عَ حْصَانَكْ
فارِس قدّيس ومُنْصانْ
يا مار جِرْجِسْ إيمانَك
وَعّى بالنّاس الإيمانْ
...
الْحُب.. يِعْني ألله
قِدّامْ عَيْنا تْجَلَّى
يا رَمْز الْقَداسِه
نْكَرْتي الدِّنْيِي كِلاّ
عْطِيني مِنْ آلامِكْ
شَوْكِه مِنْ إكليلِك
تا إرْكَعْ قِدّامِكْ
أنا وْعَمْ صَلّيلِك